ملاحظات على خطط واستراتيجيات دعم المرأة العراقية

إيمان المرعبي

“إن الفجوة بين التمويل والاحتياجات آخذة في الاتساع”، و”هذا الأمر يدق بالطبع ناقوس الخطر لأننا، كما يبدو، نتجه نحو نقص غير مسبوق في مبالغ التمويل الذي نحتاجه على الصعيد العالمي”، هذا ما قاله المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لاركيه مؤخراً.

 

لقد ازداد في السنوات العشر الأخيرة الوعي المجتمعي بأهمية قضية المرأة في بناء السلام وتحقيق الأمن المجتمعي، وتفرع النقاش حول الفجوة الكبيرة في مشاركة المرأة في السياسة والمجتمع، الأمر الذي يدعو إلى أهمية توحيد الجهود وإعادة النظر في السياسات المتبعة.

 

على صعيد خطط الحكومة العراقية فيما يخص قضايا المرأة، فإن مشاكل عدة تعترضها عندما يأتي الأمر إلى التنفيذ على أرض الواقع. فرغم تعدد الخطط والاستراتيجيات التي تم إطلاقها، إلا أنه لم يخصص لها أبواب ضمن الموازنات الحكومية المتعاقبة من أجل تنفيذها، مما جعل أثر تنفيذ معظم فقراتها –  في حال كان ذلك – غير واضح. ومن جهة أخرى، فهناك إجماع من المهتمين بقضايا المرأة على أفضلية وجود استراتيجية تنطلق من دراسات معمقة، بدلاً من تعدد الخطط الذي يؤدي إلى بعثرة الجهود وعدم استمراريتها. ولنا في تباين معدلات العمل والبطالة بين الذكور والإناث التي نشرها قسم احصاءات التنمية البشرية في الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط العراقية للعام ٢٠٢١ خير مثال على تشتت الجهود وضياع الفرص في أهم المجالات التي يجب تفعيل دور المرأة فيها، وهي النشاط الاقتصادي والتنمية. فقد بلغت نسبة النشاط الاقتصادي في العراق ١٢.٦٪ لفئة الإناث، فيما بلغت ٧٢.٧٪ لفئة الذكور، وهذا فارق كبير. أما عن نسب البطالة، فقد بلغت ١٠.٩٪ بين الذكور، فيما وصلت إلى ٣١٪ بين الإناث.  فمن الضروري بمكان العمل على رفع المستوى الإداري للجهات المعنية بتنفيذ هذه الاستراتيجية، والاستفادة من منظمات المجتمع المدني المحلية التي أثبتت جدارة في هذا المجال ودعمها.

 

أما على صعيد المنظمات الدولية، فلا يخفى على أحد أن أغلب الخطط الوطنية الموضوعة لدعم المرأة في العراق يتم تنفيذها من قبل المنظمات الدولية. ومع ذلك، فإن من الخطأ الاعتماد الكلي على هذه المنظمات في تنفيذ الخطط الوطنية لعدة أسباب؛ أولاً، إن التمويل المتوفر لهذه المنظمات غير ثابت ومضمون، كما أن تواجدها في بلد معين أمر مرهون بالظروف الأمنية والسياسية لهذا المكان، وقد شهدنا مؤخراً تقليص ميزانيات عدد غير قليل من هذه المنظمات التي تعمل في العراق، وتوجهها للعمل في مناطق أخرى من العالم. ثانياً، إن تركيز جهود هذه المنظمات والفرق ينصب على مناطق ومحافظات معينة فقط ولا يغطي كافة المناطق العراقية.

 

وهذه ملاحظاتي وآرائي التي أتمنى أن تصل إلى الجهات المعنية في مواقع صنع القرار، وهي دعوة لتفعيل الحوار والاستفادة من خبرات جميع الفرق والأشخاص الفاعلين، من أجل الوصول إلى مستوى العمل الذي نصبو إليه لزيادة مشاركة المرأة وتفعيل أدوارها في المجتمع.