التجربة تصنع النجاح

رباب الزيادي

أنا رباب الزيادي من مدينة السماوة في محافظة المثنى. أنحدر من عائلة كبيرة من حيث الصيت والعدد، عائلة محافظة وملتزمة بالعادات والتقاليد.

 

في بداية مراهقتي، تعرضت لمشاكل وتحديات عدة منها تعجرف إخوتي الذكور في اختيار أزواج لأخواتنا الفتيات، فقد كان الاختيار يعتمد على ما يخدم مصالهم الشخصية، فلا مراعاة لرغبتهن ولا رأي لهن في زواجهن. حتى رأي أبي، لم يحترمه أحد منهم، وكنت حينها أرى أخواتي الفتيات كالأبقار التي يغذيها الراعي ليبيعها بثمن كبير، وقد خضعن للعنف والتعنيف بكل أشكاله، وكنت أشاهد ذلك وأنا أصغرهن سناً. منذ ذلك الوقت، أدركت أن السكوت عن الخطأ يؤدي إلى التمادي وزيادة التعنيف، فكنت أكثر ذكاءاً من أخواتي، فتقصدت القيام بما يحب إخوتي الذكور، وأجبرتهم على سماع رأيي من خلال معرفتي لما يحبون ويكرهون، ولكن طبعاً، كان ذلك على حساب مشاعري وشخصيتي، وبقيت كذلك حتى بلغت. وعلى الرغم من ذلك، لم أنفذ من جبروتهم وكانت أول صدمة لي، عندما رفضوا أن أتزوج ممن أحب، وذلك بسبب زوجاتهم، فواحدة كانت تريدني لأخيها وكان بنظري معتوهاً، وثانية تريدني لأخيها الصغير، وأبي متفرج لأنه لا يقدر على أبنائه، ولكن رغم رفضهم للشاب الذي أريد، لم أقبل بالزواج من إخوة زوجاتهن بحجة أنني أريد اكمال دراستي، وبقيت كذلك حتى أكملت دراستي الإعداية، وبعدها كانت النكسة الثانية، لما تخلى إخوتي عنا وتركوا البيت وفتحوا بيوتهم المستقلة، ولم يبق لبيتنا من معيل.

 

 فأخذت مسؤولية والدي -رحمهما الله- وأربعة من إخوتي على عاتقي، وبدأت أقوم بأي عمل أجده من أجل كسب المال. وبعدها بفترة، تقدم لي رجل كبير بالعمر لكنه ثري، فقبلت من أجل أهلي، وكنت أشعر أن حياتي مقرفة، فقد فقدت الشعور بأني بشر، ولم أمتلك أي احساس اتجاه هذا الشخص كبير السن، والذي كنت أراه جاهلاً، فطلبت الطلاق وانتهت قصتي معه، وبدأت رحلة كفاح ثانية لما أصبحت فريسة سهلة للشارع كوني مطلقة، مما اضطرني لقبول الزواج مرة أخرى من شخص أسوء وأكثر جهلاً من الأول، لكنه كان ثرياً، وهنا كنت أحتضر كل يوم وأنا على قيد الحياة مع شخص مارس كل أنواع العنف معي، من ضرب وإهانة وكسر لنفسيتي، ومع ذلك، حاولت أن أتحمل، لكن لم أستطع، فقررت الطلاق منه بالخلع، لأنه كان شخص مجرد من كل صفات الانسانية.

 

وكانت التجربة الأخيرة بمثابة الصحوة بالنسبة لي، حيث قررت الاعتماد على نفسي، وعاهدتها ألا أجعل الحياة تقف عند أحد، فبدأت العمل مع منظمات حقوق الانسان، حيث كنت أتابع عملها من خلال قراءتي للكتب وسماعي عنها من بعض البرامج، وكانت هذه المنظمات متواجدة في محافظتي. ومن خلال فهمي لعمل هذه المنظمات ولما تحمل من رسائل انسانية واحترام لحقوق الجميع، بدأت بالعمل على الإعلام ونشر هذه الرسائل المتعلقة بأمور تخص المرأة وحقوقها وواجباتها، خاصة بين النساء والفتيات، ونفذت أنشطة بالتعاون مع منظمات محلية ودولية. وها أنا اليوم، رباب الزيادي، امرأة معروفة محلياً وفي بعض البلدان بالمرأة القيادية الرائدة، وأصبحتُ قصة نجاح بمشاركتي بأكثر من مشروع يخص المرأة، وآخره مشروع المرأة القيادية لمنظمة الهارتلاند عام ٢٠١٩، وأفتخر بنفسي كوني رئيس قطاع الاعلام في الاتحاد العربي للمرأة المتخصصة في العراق، وسفيرة سلام في المركز العربي الاوربي، ورئيس رابطة المرأة للاعلام والتنمية المستدامة، وعضو نقابة الصحفيين، وعضو في منتدى الاعلاميات العراقيات، وعضو في شبكة سومريات، ومازلت أعمل على تطوير نفسي اكاديمياً، حيث أني أدرس حالياً بكلوريوس في ادارة اعمال في المرحلة الثالثة، وأطمح أن أستلم مستقبلاً منصب في الدولة يدعم المرأة العراقية إن شاء الله.