المرأة العراقية في السياسة والمجتمع: طريق محفوفة بالمخاطر

أشرف شيباني

بعد عقدين على الغزو الأمريكي في العراق، مازالت المرأة العراقية تواجه عقبات عديدة لحجز مكان لها في مشهد سياسي يسوده الانقسام.

ولم تشغل النساء أي مناصب رئاسية أو تنفيذية مهمة في الحكومة العراقية رغم تخصيص الدستور العراقي لنسبة تمثيل ثابتة للمرأة في مجلس النواب لا تقل عن 25%  والتي تُعرف إعلاميّا ب “الكوتا النّسائية”، وتنصيصه على أن “العراقيين متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو الجنسية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي”.

وكشف تقرير أصدرته بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، والمعهد العراقي سنة 2020 أن العراق يحتلّ المرتبة 70 عالمياً من حيث تمثيل النساء في البرلمان.

وأدى ضعف مشاركة النساء في العملية السياسية إلى تعميق مؤشرات الفجوة بين الجنسين وضرب عدد من شروط الديمقراطية مثل العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.

وتواجه  المرأة العراقية بتحديات مضاعفة مقارنة بالرجل للمشاركة في العمليّة السياسيّة، بسبب القوالب الجنسانية وطبيعة المجتمع وخصوصيته الثقافية، فضلا عن نقص التشريعات الكفيلة بتعزيز مشاركتها في الاستحقاقات الانتخابية.

أما في الجانب الاقتصادي، فتعاني المرأة العراقية أيضاً من التمييز في سوق العمل، حيث تشير الإحصائيات إلى أن من بين كل عشرة نساء عراقيات هناك تسع منهن غير نشطات اقتصاديا، في حين ينشط ثمان من كل 10 رجال عراقيين اقتصاديا. ورغم أن نسبة النساء في المجتمع العراقي تناهز الخمسين بالمائة من إجمالي السكان، إلا أن فرص حصولهن على وظائف في القطاعين العام والخاص مازالت ضئيلة، حيث لا تتجاوز نسبة النساء العراقيات العاملات الخمسة عشر في المائة من حوالي العشرين مليون امرأة عراقية.

وأظهرت إحصائيات لمنظمة العمل الدولية عام 2019 أن العراق يحتل ثالث أدنى مرتبة في نسبة النساء النشطات اقتصاديا من بين 189 دولة.

وصادق العراق على سبع اتفاقيات لمنظمة العمل الدولية، وعلى الاتفاقية الملحقة بلائحة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حول إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة. لكن ناشطات نسويات يعتبرن أن المرأة العراقية تتعرض لشتى أصناف التمييز والاستغلال. وفي هذا السياق ، أبرزت ممثلة تجمع وطن لحملة الشهادات العليا الدكتورة رواء الجاف، في تصريح صحفي، غياب تكافؤ الفرص بين الجنسين في العراق  بسبب المحسوبية التي تنخر الوظائف الحكومية.

ولا تتمتع النساء العراقيات بقانون يحميهنّ من التمييز في سوق العمل أو قانون يحميهن من العنف الأسري، رغم أن 20 في المائة من النساء العراقيات قد تعرضن للتعنيف الأسري سنة 2021 بحسب دراسة أعدها الجهاز المركزي للإحصاء.

ولمعالجة هذه التحديات السياسية والاقتصادية، ينبغي على الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات فعالة لحماية حقوق المرأة وإدماج مفاهيم المساواة بين الجنسين في كل السياسات والبرامج الوطنية. كما يجب تعزيز ريادة الأعمال ومرافقة النساء لإطلاق مشاريعهن الخاصة، وهو ما سينعكس إيجابا على تماسك المجتمع وتنميته.